كيف قتلت خديجة?

سنعرض لكم شهادتين تم جمعهما من قبل  مراسلي "هعولام هزيه" عن لسان اثنين من شهداء سخنين في يوم الأرض, 1976: خديجة شواهنة وخضر عبد خلايلة. الاقوال معروضة كما نشرت.

 

كيف قتلت خديجة؟

عدم الراحة الذي يرافق الاعتراف بأن جنود جيش الدفاع الاسرائيلي الذين خرجوا "لفرض النظام"  في قرية سخنين, قتلوا امرأة عزلاء رميا بالرصاص, ليس الاشكالية الوحيدة هنا. بالإضافة الى ذلك, ظروف موت خديجة تثبت بما لا يدع اي مكان للشك ان ما كتبته الصحف  الاسرائيلية وقتها كان سلسلة من الاكاذيب محاولة من خلالها غسل دماغ المواطن الاسرائيلي حول كل ما يتعلق بالأحداث الحقيقية ليوم الارض.

قصة موت خديجة هي الإثبات لذلك.

في  حوالي الساعة  السابعة أو قل السابعة والنصف, علت اصداء إطلاق النار في ساحات القرية, بعد ان أرسلت قوة من الجيش "لفرض النظام" في مدينة سخنين. قاسم شواهنة, والد خديجة, سمع طلقات رصاص. في ذلك الصباح  كالعادة جلس, هو وزوجته وبعض من افراد العائلة  الأحدَ عشرَ في مصيف بيتهم الواقع على اطراف القرية. لحظة سماعهم طلقات الرصاص دخل جميعهم الى البيت, ليكتشفوا ان خالد ابن الثمانية اعوام  مفقود, خمن الاب ان  خالد خرج ليلعب في الشارع .

يروي قاسم شواهنة: "قلقت على ابني, بس خفت أطلع, لأنهم قالوا في منع تجول. قلت لحالي: إنا ممنوع أطلع, بس الجنود مش رح يعملوا اشي لصبية. عرفت انه الجنود اليهود بعطوا احترام للمرة. بقدروش يضربوا صبايا, لأنه عندهم احترام للمرة. قلت لخديجة: بنتي, اطلعي عالشارع دوري عخالد.

"خديجة ابنة ال 23 ربيعا فعلت كما امرها والدها, خرجت الى الشارع. امها, سامية, نظرت ورائها, كانت خديجة ما زالت بجانب البيت, في تلك الحظة لاحظت طابورا جنود يدخل زقاق البيت, على بعد 40 مترا. "خديجة, ارجعي! خديجة, ارجعي!" صرخت الأم لمرآى الجنود.

خديجة, التي ابتعدت عن البيت فقط بضع خطوات فقط رأت الجنود, ارتعبت لمنظرهم حيث انها كانت وحدها في الطريق, وأمامها طابور من الجنود المسلحين. ركضت الام وابنتها الواحدة باتجاه الأخرى بيدين ممدودتين. وعلى بعد خمسة أمتار من أمها, انهارت خديجة على الأرض و لم تنهض بعدها ابدا, اخترقت رصاصة  ظهرها.

خديجة قاسم شواهنة أصيبت في ظهرها حين كانت وحدها في الشارع, لأنها خَرقت منع التجول!

الرصاصة اخترقت رأس خضر

"كنّا جوّة البيت," يروي أحمد خلايلة. "سمعنا طخ برّة. الرصاص صاب حيطان البيت. اكم رصاصة خزقوا سخان الميّة على سطح البيت. إلي كانوا يطخّوا كانوا يتسلّوا, او يخوّفوا فينا". فجأة سمعنا صياح مرَة من جهة الطريق, اخوي خضر عبد خلايلة, طلع برة. على بعد 30 متر من بيتنا ارتمت على الأرض المعلمة, آمنة محمد عمر, كانت مغطية بالدم. الرصاصة اللي طخها الجندي صابت بطنها. طلِعِت ورا اخوي, شفته بنزل جنبها علشان يرفعها عن الطريق ويساعدها. وقتها شفت اثنين جنود وجّهوا سلاحهم علينا. واحد منهم طخ, الرصاصة صابت راس خضر. وقع جنبي ومات, الجنود هربوا من المحل".

خضر ابن ال24 ربيعا, العامل كمزارع, كان الشهيد الثالث من سخنين في ذلك اليوم.

يحكي محمود نعامة, رئيس مجلس القرية المجاورة عرّابة, والذي جاء في ذاك الصباح إلى سخنين لتهدئة الأمور: "كان في ضابط واحد, بدرجة سجان ألوف, أو ألوف مشنيه, قلّي: "كل كلب بتجرّأ يطلع رأسه برّة بالبلد – بوخذ رصاصة فيه!" محمود نعامنة أضاف أيضا انهم قالوا له: "فش شو تعمل هناك ولازم تروح عالبيت."

محمود نعامنة, مثل زملائه رؤساء المجالس في دير حنّا وسخنين, كانوا من الداعمين لحزب المعراخ, او كما يقال, كانوا كذلك حتى أحداث يوم الأرض. محمود وزملاؤه ما زالوا يتساءلون الى يومنا هذا: "ليش ما بحكوا لمواطنين إسرائيل شو فعلا صار بالجليل بيوم الأرض؟" يسألون بحيرة. "ليش الصحافة ما بتكتب كيف انقتلوا أهل القرى, كيف انقتلت خديجة؟"

الإجابة واضحة. الصحافة لا تكتب, لان هذه الشهادات قد تقض مضجع القراء اليهود وتوفر وجهة نظر مختلفة. ليس من السهل قًصُ حكاية صبية قطفت في ريعان شبابها في الشارع, لمجرد انها خرقت أمر منع التجوّل! ليس من السهل أن نشر إعلان ان العدالة لم تتحقق وانه ام يتم حتى التحقيق مع أي من المشاركين في هذه الجرائم او مقاضاتهم قانونيا.

هعولام هزيه, 13.4.1976

* تساهال – "جيش الدفاع الاسرائيلي" (المترجم).