لم يكن تدخل حلف (شمال الأطلسي) الناتو عسكريا في ليبيا من منطلق الغيرة على الشعب الليبي ولا حفاظا على حقوق الإنسان الليبي التي يسحقها نظام القذافي مقدما إياها قربانا ليرض عنجهيته. ففي الأمس القريب رأينا جبابرة الغرب يزحفون على بطونهم ويخرون سجدا للقذافي رغبة في الحصول على"براميل" البترول وبعضهم حتى غطت رأسها حفاظا على تقاليد ألقذافي خشية غضبة تنقل فلوسه من بلدها. أو ربما كي يشكل حاجزا أمام المتسللين الأفارقة إلى أوروبا أو كل الأسباب مجتمعة.

لأجل قطع الشك باليقين بالنسبة لنظام ألقذافي يمكن أن نختزل الموقف بالقول : "عانى منك الشعب الليبي الأمرين ، انتهت ولايتك وولى عهدك ارحل عن ليبيا!"

ومن المثير للاستهجان ان الحلف نفسه في التاريخ نفسه 193 عام 2004 بدأ هجومه العسكري على العراق كي ينقذ الشعب العراقي من براثن الطاغية صدام حسين ومن اجل بناء الديمقراطية في العراق. ومنذ ذلك اليوم يسبح العراق في حمام دم كان الطاغية ارحم من الديمقراطية التي جلبها العدوان. ويثير الحفيظة انه الوضع نفسه والادعاءات نفسها سبقت الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والصومال ولم تكن النتائج فيها أفضل من تلك في العراق، هذا إن لم تكن اشد سوءا منها.

ومما يثير الاشمئزاز تعامل الناتو مع العالم العربي على انه عالم اخرق أحمق ذاكرته قصيرة المدى أو يعاني من الخرف لا يتذكر احدث من الألفية الأخيرة، ها هم الأمريكيون يرسلون أقزامهم لاحتلال ليبيا تحت نفس الادعاءات التي يعترفون انهم أخفقوا بها في كل اجتياحاتهم السابقة.

מצור על לוב

بارجة حربية للناتوا تتوجه لمحاصرة ليبيا

سفك الدماء الذي يبني به ألقذافي نظامه ويقمع من خلاله الانتفاضة والثورة الشعبية المعارضة تستعمل كستار لرغبة الغرب بإنشاء نظام بديل "من دمى دمغ بصنع في أمريكا " ينفذ ما يملي عليه الغرب، بكلمات أخرى احتلال من خلال قوى محلية عميلة على نمط ما يجري في أفغانستان كرزاي وعلى غرار ما احصل بإسقاط حكومات مصدق والنابلسي في أواسط القرن الماضي. ونظام مثل هذا يستند على الغرب كليا ويحتاج إلى الغربي في صراعه للبقاء لا بد لهان يتيح لم يحميه بالسيطرة على الثروة النفطية الليبية الهائلة.

تظهر هذه الحملة العسكرية مرة أخرى ان الميزان الغربي الأمريكي يرجح لصالح كفة النفط على كفة الدم خصيصا حين يكون الدم عربيا. الوضع في ليبيا يمكن الناتو التواجد في صلب العالم العربي في وقت حرج ينفض من عليه الأنظمة الفاسدة والمفسدة الموالية لأمريكا مثل مبارك وبن علي ونأمل أن لا يكون هذا آخر المسبحة المفروطة. ومن خلال ذلك يحاول الأميركيون تجيير الحركة الديمقراطية وحرفها عن مسارها الوطني لتصب في مصلحة الامبريالية الغربية بدلا من مصالح شعوب المنطقة.

تجلب هذه الحملة العسكرية معها الويلات والدماء وسلب الموارد و الثروة الوطنية من باطن الأرض وعن ظاهرها وتضيف حلقة أخرى في سلسلة "حرب الحضارات", التي من شانها تعزيز أسوار الكراهية بين الغرب والعالم الإسلامي.

في الوقت ذاته علينا ان نساند الشعب الليبي للخلاص من الطاغية ، يجب الحوار والتحاور بالكلام ولا يجوز أن يتحاور أبناء الوطن الواحد بالسلاح بالذات بسب اختلاف قومياتهم ولون بشرتهم ودياناتهم.

على الشعب الليبي أللالتفاف تحت شعار لا للعنف ولا للتدخل الخارجي!