البيان الختامي لمؤتمر الخليل الثاني 11 كانون الثاني 2014

تحت شعار "معا ضد الاحتلال والكولونيالية والعنصرية" أنتهت أعمال مؤتمر الخليل الثاني الذي عقد يوم السبت الموافق 11 – 1 – 2014 في مركز إسعاد الطفولة بمدينة الخليل.

لقد جاء انعقاد هذا المؤتمر النوعي ليشكل استمرارا وتطويرا لمؤتمر الخليل الأول الذي عقد في عام 2011،  كما يشكل تتويجا للجهود المكثفة التي بذلتها الجهات المنظمة للمؤتمر: القوى السياسية الفلسطينية اليسارية في محافظة الخليل وحركة ترابط ومركز المعلومات البديلة، تلك الجهود التي استمرت على مدار شهور طويلة من العمل والحوارات والفعاليات المشتركة التي استهدفت الارتقاء بالرؤية السياسية وتطوير آليات وأسس النضال المشترك كشرط ضروري للنضال من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والتصدي لسياساته الكولونيالية والعنصرية على مختلف المستويات.

لقد وفر المؤتمر فضاء ومناخا سياسيا وثقافيا واجتماعيا ديمقراطيا لتفاعل مئات النشطاء الفلسطينيين والإسرائيليين على قاعدة من الوضوح السياسي المناهض لمختلف أشكال التطبيع مع الاحتلال ومنظوماته السياسية والأمنية والثقافية،  ورفع راية النضال المشترك من أجل إنهاء الاحتلال وتأمين حقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل الحرية وحق تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق عودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي اقتلعوا منها. إن واقع الترابط والتداخل في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا يفرض على الجميع ضرورة توسيع مساحات النضال المشترك وتفعيلها في مواجهة السياسات الإسرائيلية الاستعمارية.

لقد شكلت المشاركة الفاعلة والجدية من قبل القوى السياسية اليسارية الفلسطينية في محافظة الخليل الحاضنة السياسية والثقافية التي تعكس الرؤية التقدمية لتلك القوى، كما تعكس قدرتها على المبادرة للتواصل والفعل في مساحات جديدة تفرضها قناعتها الفكرية وتعقيدات الصراع، كما أن دور حركة ترابط مثل استجابة سياسية واضحة من قبل آلاف النشطاء الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يناضلون ويناهضون السياسات العنصرية التي ينتهجها النظام السياسي السائد في إسرائيل.

وبالرغم من أن المبادرة لعقد هذا المؤتمر قد جاءت من قبل القوى السياسية اليسارية في محافظة الخليل وحركة ترابط ومركز المعلومات البديلة، إلا أن المشاركة والاحتضان الذي حظي به هذا المؤتمر من قبل عدد من الشخصيات الوطنية والاعتبارية ومؤسسات المجتمع المدني والعديد من النشطاء الأمميين يؤشر إلى أن هذا المؤتمر هو نتاج جهد جماعي مما يعطيه أبعادا سياسية وثقافية واجتماعية وتقدمية شاملة.

لقد شكلت الكلمات الافتتاحية المركزية التي ألقيت في المؤتمر من قبل عدد من الشخصيات والقيادات الوطنية، الأساس الناظم لأعمال المؤتمر من حيث تغطيتها للمرحلة الراهنة وما تواجهه من تحديات بالإضافة إلى تغطية التحولات التي تجري في السياق الإقليمي والعالمي وانعكاسها على القضية الفلسطينية وما يرتبط بذلك من أسئلة واحتمالات استراتيجية.

توزعت أعمال المؤتمر على ثلاثة محاور هي:الأول: النضال ضد الكولونيالية / الاستعمار الاستيطاني والعنصرية الصهيونية والذي تضمن ورقتين: الأولى بعنوان التهجير المستمر، سلب الموارد، والمس بالحريات في ظل الاحتلال العسكري، والثانية بعنوان الاستعمار الداخلي ضمن حدود 1948. المحور الثاني: النضال السياسي – الاجتماعي في ظل الاحتلال و الكولونيالية الصهيونية، وتضمن: ورقة بعنوان النضال التحرري الفلسطيني، والثانية النضال السياسي والاجتماعي في الداخل. والمحور الثالث: مجموعات وحلقات نقاش: نعم للنضال المشترك – لا للتطبيع، حيث توزع على ورشات العمل التالية: الأسرى السياسيون، المقاطعة الشاملة، النضال المشترك والتطبيع، نضال العمل، نساء في النضال، التغيرات الإقليمية والدولية وتأثيرها على القضية الفلسطينية.

لقد أكد المشاركون في المؤتمر ومن خلال الحوارات العميقة التي شهدتها محاور المؤتمر الثلاثة على أن الاحتلال الإسرائيلي هو امتداد واستمرار للنكبة عام 1948 التي قادتها وما زالت تقودها الحركة الصهيونية وبطرق مختلفة على جانبي الخط الاخضر، مما الحق الضرر الفادح بمصالح وحقوق شعبينا، وقد شكل وعلى مدار عقود الصراع ولا يزال قوة إعاقة في مواجهة أي عملية تغيير ديمقراطي وتقدمي في العالم العربي، فالصراع المديد والمتواصل مع المشروع الصهيوني كان بمثابة الثقب الأسود الذي يستنزف الثروات والموارد وتبديد فرص التطور ودفع المنطقة باستمرار نحو الحروب بما تحمله من كوارث إنسانية ومادية، بهذا المعنى يمكن القول ان الاحتلال الإسرائيلي يتناقض مع مفهوم التنمية والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي بصورة حاسمة، بل ويلعب دورا مباشرا في استمرار التخلف وتشجيع الانقسامات والتحالف بصورة معلنة أو مضمرة مع أكثر الأنظمة العربية رجعية ودكتاتورية. لكل هذا، يعتبر النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي مكونا أصيلا من مكونات النضال من أجل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان في العالم العربي عموما وفي فلسطين على وجه الخصوص.

كما رأى المشاركون في المؤتمر أن طبيعة النظام السياسي المهيمن في إسرائيل يتناقض مع أبسط مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وهو نظام يقوم على التمييز الفاضح ضد الفلسطينيين في الداخل وأيضا ضد الإسرائيليين من أصول شرقية وضد الفئات والطبقات الاجتماعية المهمشة والفقيرة مما أخذ يعبر عن ذاته على شكل أزمات وحركات اجتماعية واقتصادية متصاعدة في إسرائيل.

وفي هذا السياق فإن عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لن يكتب لها النجاح ولن تتخطى المأزق ما دامت محكومة بالشروط الإسرائيلية وهيمنة الإدارة الأمريكية عليها، وما المفاوضات الجارية منذ عدة أشهر إلا تكرار لتجربة أوسلو التي انتهت إلى الفشل، ولهذا فإن عملية السلام ولكي تصل إلى نتيجة حاسمة وواضحة يجب أن تستند إلى:

  • رفض تقديم أية تنازلات تمس الحقوق الوطنية الفلسطينية، وفي هذا السياق يرفض المؤتمر أية مقترحات تطرحها الادارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية حول التبادلية للأراضي على جانبي الخط الأخضر أو الاعتراف بيهودية الدولة، كما يدعو المؤتمر إلى التمسك بقرارات الشرعية الدولية كأساس ومرجعية للحل (حق العودة وفقا للقرار 194، تقرير المصير، الانسحاب الإسرائيلي لحدود الرابع من حزيران، قضية القدس، تفكيك المستوطنات، وبناء الدولة الوطنية ذات السيادة الكاملة في حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس).
  • تخطي التفرد الأمريكي بالملف الفلسطيني ونقل الملف للرعاية الدولية بالاستناد إلى مرجعية قرارات الأمم المتحدة ومسؤولياتها ومطالبة روسيا والصين والاتحاد الأوروبي للعب دور فاعل في هذا الشأن، كراعي لعملية السلام وربط حل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال بحل الصراع في الشرق الأوسط وبقية الملفات الإقليمية.
  • المباشرة في انضمام فلسطين إلى الاتفاقات الدولية التي تساعد في فضح الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبته على الانتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم الحرب، وفي مقدمة ذلك اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة، وميثاق روما وغيرها، إلى جانب ضرورة الانضمام إلى كافة المنظمات الدولية والهيئات التابعة للأمم المتحدة، وفي المقدمة منها تلك المرتبطة بمساندة نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، مثل محكمة الجنايات الدولية وغيرها.
  • الإنهاء الفوري للانقسام الفلسطيني وتطبيق المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية ورؤية الأسباب الفعلية وراء الانقسام ومعالجتها.
  • إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كحركة تحرر وطني وقائدة لكفاح الشعب الفلسطينية، وتفعيل دورها مع كافة تجمعات الشعب الفلسطيني في الشتات والداخل، وتعزيز ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في ممارسة كل أشكال النضال المناسبة له ضد الاحتلال، وفي المقدمة منها المقاومة الشعبية.
  • إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين كشرط ابتدائي للسير في أي عملية سلام.

وفي النهاية لقد أكد المؤتمر وبصورة حاسمة على أن مقاومة ورفض سياسة التطبيع والمشاريع التي تقوم على التطبيع مع الاحتلال وتعزيز النضال المشترك بين الفلسطينيين – والقوى الديمقراطية التقدمية الإسرائيلية في مواجهة الاحتلال وما يستند إليه من منظومات استعمارية في السياسة والاقتصاد والثقافة والعسكرة سواء ضد الفلسطينيين أو ضد الفئات والشرائح الفقيرة والمهمشة في إسرائيل، لم يعد أمرا ثانويا بل بات ضرورة ملحة ويجب أن تشكل أحد الركائز الاستراتيجية في الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي ومنظوماته العنصرية والاستعمارية على كافة المستويات.

القوى المنظمة للمؤتمر
القوى السياسية الفلسطينية اليسارية في الخليل - حركة ترابط - مركز المعلومات البديلة